أوهام "دانكيشوت"/ محمد افو
الحقيقة التي لن تعجبك أيها الفارس العظيم ، هي أنك تحتاج لقراءة متأنية لقصة الأسطورة " دونكشوت".
ذلك الفارس الهزيل الذي لا يغمد سيفه ولا يخلع درعه ولا يبيت ليلته إلا متوسدا خطة لقتال عدو غير موجود إلا في طيات أوهامه ، ومعركة لا ساحة لها ولاخصوم .
فهذا الفارس العظيم كان ينحت كل تعريفاته من ذاته ليثبتها لذاته .
فهو فارس في نظر نفسه ويقاتل الطواحين الهوائية ويمتدح حصانه الهزيل كما لو كان يغرف من شعر ابن عباد في النعامة.
الحقيقة أن العظيم " دونكشوت" أمضى عمرا يخطط لمعركة ظل يكتشف كل يوم - و بصعوبة -أنها لن تحدث .
و أن كل خططه الحربية مجرد ملهاة ذهنية لأوهامه.
ما كان على " دونكيشوتنا " أن يعتقد أن هذا يوم نفير أو أن مرافعته هذه ولدت في زمن من أزمنة الحروب .
لقد وضعت الحرب أوزارها في نصف العقد الذي صامه مكرها عن سلطانه ولم يعد هناك متسع ولا فجوة بين الأطراف تكفي لرذاذ من عطر منشم
لقد حلت السكينة وهدأت النفوس وذاق الناس طعم السلام ، وأصبح آخر همهم تتبع أخبار الأسكوفار وخصوماته .
لم يبق من الوقت غير ما يكفي لأن يدرك "دانكيشوت" أن الطاحونة التي ظل يصارعها ليست حقيقة ماثلة في الواقع وأن الناس قد استبدلو ورقهم بغير التي بين يديه.