ما الذي تعنيه موجة أوميكرون للاقتصاد العالمي
بدأت تلوح في الأفق موجات تفش جديدة للوباء بسبب متحور أوميكرون عاد الاقتصاد العالمي إجمالا إلى المستوى الذي كان عليه قبل أن يضرب الفيروس أول مرة في مارس 2020.
هذا ما اعتبره الكاتب والمحلل الاقتصادي البريطاني هاميش ماكري (Hamish McRae) في مقال تحليلي له بصحيفة إندبندنت (Independent) البريطانية، وقال إنه بشكل عام يبدو الوضع أفضل بقليل بالنسبة لأكبر اقتصادين في العالم، الولايات المتحدة والصين، بينما مؤشرات دول أوروبا مجتمعة أقل بقليل من مستوى فبراير 2020 حيث من المرجح أن تبقى ألمانيا دون هذا المستوى حتى الربع الأول من العام المقبل وأن تفشل كل من إيطاليا وإسبانيا في بلوغه.
أما المملكة المتحدة فيبدو أنها بالفعل بلغت هذا المستوى حيث وصل إليه قطاع الخدمات المهم للغاية لديها نهاية سبتمبر الماضي، وكانت الأسابيع القليلة الماضية مخيبة للآمال.
ورغم أن الاقتصاد العالمي ككل قد تعافى بشكل جيد -يضيف الكاتب- فإنه لم يكن على الإطلاق حيث كان يجب أن يكون لو لم تكن هناك جائحة أصلا، ولا يزال الكثير من العمل بالانتظار في ظل ازدهار بعض القطاعات وتعرض البعض الآخر للتأثيرات "الوحشية" للفيروس.
وتمنحنا تجربة تأثير عمليات الإغلاق السابقة فكرة عن الطريقة التي سيتعامل بها العالم اقتصاديا مع التهديد المقبل، وستشهد عموما الأشهر الثلاثة المقبلة توقفا في مسارات الانتعاش مما سيتسبب في ركود فني في العديد من الاقتصادات الكبرى (يتم تحديد فترات الركود من خلال وجود ربعين متتاليين من النمو السلبي).
وقد باتت ألمانيا بالفعل على حافة هذا الركود، ويعود السبب في ذلك جزئيا إلى مشكلة نقص الإمدادات مع توقعات بأن يسوء الوضع أكثر خلال الربع الأول من العام المقبل.
تداعيات أوميكرون الاقتصادية
لكن الأمر الأكثر إثارة للاهتمام من التقدم العام -بحسب الكاتب- هو التغيير في شكل الاقتصاد الذي ستترتب عنه عدة تداعيات العام المقبل أبرزها 3.
التأثير الأول هو أن مشاكل سلسلة التوريد ستؤدي إلى زيادة في حجم الإنتاج المحلي، وهناك آلاف الأمثلة على ذلك في جميع أنحاء العالم، أما التأثير الثاني فيتمثل في أن أسواق العمل ستبقى ضيقة للغاية في ظل تحول في القوة يحدث تقريبا مرة كل جيل بين العمال وأرباب العمل، أما التأثير الثالث والأخير فهو أن التضخم بلغ مستويات ارتفاع غير مسبوقة منذ نحو جيل.
ويعتبر العنصران الأولان -إن أخذت جميع المؤشرات الأخرى بعين الاعتبار- "بشرى سارة" حيث سيكون الاقتصاد الجديد مختلفا عن الاقتصاد القديم داعما للوظائف المحلية ومكافئا للقوى العاملة، أما العنصر الثالث، أي التضخم المتصاعد، فلن يكون كذلك خاصة أننا لا نعلم كم من الوقت سيتطلب الأمر من البنوك المركزية لمعالجة مشكلة التضخم ولا مستويات أسعار الفائدة التي ستكون مطلوبة للقيام بذلك.
وتحملنا هذه المعطيات مجتمعة -يختم الكاتب- إلى فكرة نهائية مفادها أن الاقتصاد العالمي أثبت فعلا أنه شديد المرونة، مما يعني أن مسار الانتعاش سيتوقف مؤقتا لكنه لن يخرج عن السيطرة لأمد طويل، وكلما كانت الضربة أكبر خلال الأشهر القليلة المقبلة زاد نطاق الارتداد لاحقا، وبمجرد انحسار الوباء أخيرا سيشهد الغرب إرثا لارتفاع التضخم لم يعرفه من قبل، لكن وجب أولا أن نسعى لتحقيق هذا الارتداد.