نظام موريتانيا.. تحديات المرحلة ورهانات المستقبل
في ظل أوضاع اقتصادية ومعيشية خانقة، ووسط محيط إقليمي مضطرب أمنيا وسياسيا،تبدو حاجة النظام ماسّة لاجتراح حلول ناجعة لأزمات الوطن وتحدياته الماثلة.
لقد انقضى جزء كبير من مأمورية الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني دون إحراز تقدم ملموس في مجالات تخفيف الأزمة المعيشية وامتصاص بطالة الشباب وإطلاق مشاريع مثمرة تنفع الناس وتمكث في الأرض،
قد يكون طموح الرئيس لشعبه ووطنه كبيرا وهو ماتترجمه خرجاته الإعلامية وبرنامجه الذي انتخِب على أساسه، وقد يكون لجائحة كورونا وما أفرزته من خصاص عالمي في الموارد والتمويلات، عرقل بعض المشاريع وأجّل بعضها الآخر، إسهام في حالة الركود هذه، بيد أن ذلك لم يعد كافيا لتبرير الأزمة أو إقناع المواطن الذي يرى الفشل ماثلا أمامه متجسدا في مقاربات الجهاز التنفيذي وعجز الطاقم الذي أسنِدت إليه مهام تطبيق برنامج الرئيس.
إن المحنة التي نعيشها اليوم سببها الأول غياب التنسيق والتواصل بين رأس الهرم ومرؤوسيه،مما أربك الخطط وأضعف أداء الجهاز التنفيذي، وتفشت في ظله الزبونية وأسنُدِت المهام الإدارية والسياسية السامية لمن ليست لهم دراية أو سابق خبرة في الإدارة و المنازلة السياسية، والأخطر من ذلك أن النظام لم يعتني ببناء نفسه وإرساء دعائم حكمه وتجذير رؤيته في أروقة السياسة ودهاليز الحكم، بل أعطى رسالة سلبية من خلال الارتكاز على رجالات الأنظمة السابقة وبقايا المؤدلجين، وهذا ما ولّد حالة من السخط العام لدى الشباب والفئات الحية في الأغلبية والمعارضة على حد سواء وهم يشاهدون تدوير رموز الأنظمة السابقة في المناصب وإعادة إحيائهم من جديد.
هذا مع تضييق مساحة الحرية والإسكات المُمنهج للأصوات الحرة، والسعي الحثيث من بعض نواب " المأمورية الثالثة" لتمييع العمل النيابي وتغيير النظام الداخلي للجمعيه الوطنية من أجل منع مساءلة السلطة التنفيذية والوقوف في أي عمل برلماني جاد في المستقبل.
إن رئيس الجمهورية مطالب اليوم أكثر من أي وقت مضى بتفعيل أغلبيته الحقيقية غير المزيفة، وتأسيس نظام سياسي قوي يمتلك واجهة مقنعة تؤسس لعبور آمن نحو المأمورية الثانية دون عنت أو مشقة، وتحفظ البيت الداخلي من التصدع لمواجهة الاستحقاقات البلدية والنيابية والجهوية المقبلة، ولن يتأتى ذلك دون إشراك فعلي للأغلبية وأطرها الحية التي تُركت على قارعة الطريق خلال السنتين الفارطتين.
-----------
"لبجاوي"