مأمورية الإجماع: الصدق أفضلُ شيءٍ أنت فاعله؟/محمد الشيخ سيدي محمد

يستحق فخامة الرئيس الإجماعَ الوطني، والرّصَّ الشامل للصفوف معه وحوله، في عزّ مأموريته الثانية، والعمل بالصدق معه في السرّ والعلن.

الصدقُ أفضلُ شيءٍ أنت فاعلهُ، لا شيء كالصدق، لا فخرٌ ولا حسبُ. ومن جماله أن تتحلّى في سكوتك وكلامك بالصدق مع نفسك، كلما تنفّست الصعداء، أو ألمّت بك المحن.

فالمرء الشريف مثل كيان الدولة، لا يتحدّث بخجل، ولا ينطق بلسانين، ولا يصعّر خدّه للناس. أحرى أن يأتي هؤلاء بوجه، وهؤلاء بلباس زور.

اجرَح شخصًا بالصدق، لكن لا تُسعِده أبدًا بالكذب. وتحدّث معه بصراحة كي تُصلح ذات البين معه، وبين أمة.

موريتانيا النماء بلا حروب خارجية ولا حروب داخلية، هي منجز فخامة الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني الأعظم، وإتاحة الفرصة للمنافسة الشريفة بين العقلاء والرماة والمتنافسين في خدمة مشروعه المجتمعي دون إقصاء أو تهميش للكفاءات وأصحاب المبادرات الخلّاقة، هو المسار الذي تتضافر فيه الجهود الجبّارة لتحقيق الأمن المائي والطاقوي قبل نهاية 2026.

وإطلاق برامج دعم الصحة والتعليم جزءٌ من أولويات هذه المرحلة، وأعبائها الإقليمية والدولية الحافّة.

يجب أن تتوقّف الدعاية لأيّة رموز مرحلية، أيا تكن الإغراءات أو الأسباب الموضوعية لترميزها، فلا وقت لزيف الشعارات، ولا لزيف الحروب الوهمية.

ما يجب أن يُذب عنه حصريا في السنوات الأربع لمأمورية الرئيس المنتخب الثانية، ويكون محلَّ الإجماع والثقة، هو المنجز من قبل هذا الرئيس في سنوات استرجاع الثقة (2019–2024)، وفي مستقبل مأمورية الوفاء لدماء الشهداء ومداد العلماء (2024–2029)، والتي نطلب منه فيها تسريع ورش البناء والتغيير بروح وآليات الإجماع، وأن نُعيد لدولة القرآن والأذان مجدها في ديار الملثمين، للخروج بحصيلة مشرّفة في سنوات مأموريته الحالية الأربع.

وعلى رأس ذلك أن يرتبط جيل الحاضر وجيل المستقبل بأئمة الهدى، الأئمة الفاتحين لإفريقيا والأندلس، مثل الإمام المجاهد أبو بكر بن عامر مؤسس دولة المرابطين، دفين مكسم بن عامر، ويحيى بن عمر القائم على الرباط الأول، وشهداء وأبطال معارك المقاومة الوطنية، ومدارس "عناق المآذن والمحاظر" فخر أمجادنا، وعزّ أجيالنا، ومستقبل وطننا العامر بالسلم الاجتماعي، ورؤية التعايش، وأوثق عُرى الإيمان: "الحب في الله والبغض في الله".

هذا درب عملنا عليه في سنواتٍ من العمل المضني مضت من المأمورية المنصرمة، ويسّر لنا فيها حينئذٍ عطاءً من الله غير مجذوذ، وفضلًا منه غير مقطوع.

إن وجدنا الآن في هيئة التراث الموريتاني الرفقة الصالحة، واليد النديّة، أظهرنا فيه بركاتٍ من بقية الصالحين من أُمم الهداة والدعاة، وزهور العافية في ربوع وطننا الغالي.

وإن عرضت لنا عوائق الزمان والمكان، فلن نألُوَ جهدًا نملكه، فسنهرع وننزل بمتطوّعينا في وادان وأبو بكر بن عامر، ومدارس المهاجرين الأوّلين، ونحفر بـ"أظافرنا" لنبني متاحفنا، ونرفع مآذن مساجدنا، ونقيم ذكرى خالدة تالدة لعلمائنا، وشهدائنا، وأئمة مدارسنا.

مقتنعين بأنّ من لا يملك تاريخًا وآثارًا ومعالم، حُكم اليوم من قبل الغزاة، أو لعِب به البغاة، أو افترسه الطغاة، أو أحرقه الغلاة، أو تناوشته البراغيث والحفاة الجفاة.

أعزّ الله بلطفه الأيادي الوفية غير المرتعشة، مثل (متطوّعي وأشبال هيئة أبي بكر بن عامر)، وجند بقية المرابطين، الذين هم الآن "أياديهم على الزناد"، وأصلح عمل من إذا قال صدق، وإذا عاهد الوطن والرئيس لم يتخلّف ولم يغدر.

حفظ الله موريتانيا وأهلها، وأصلح ذات بينهم في مشارق الأرض ومغاربها.

---

بقلم: الأستاذ محمد الشيخ ولد سيدي محمد
رئيس هيئة التراث الموريتاني
ومدير قناة موريتانيا المستقلة (قمم)
1 يوليو 2025

2 July 2025