أعتذر.. لقد أخطأت التقدير
تابعت مقابلة الرئيس الإيراني، إبراهيم رئيسي، مع شبكة الجزيرة، وخرجت منها بانطباع يعزز القناعة بأن طهران ستكتفي، خلال العدوان الصهيوني الغربي على قطاع غزة، بإطلاق الصواريخ الكلامية النارية التي لا تتطلب أكثر من الفكين كمنصة للإطلاق في حرب كلامية طاحنة ساحتها الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي.
ذلك أن جوابه على السؤال المحوري المباشر حول الخطوط الحمراء التي ستغير تعاطي إيران مع العدوان في حال تجاوزها، لم يحمل ردا شافيا.. بل إن الرئيس الإيراني، أدان نظامه وكشف زيف شعاراته حينما أكد أن الكيان الصهيوني تجاوز بالفعل كافة الخطوط الحمراء، دون أن يقدم تعهدا بالتدخل المناسب للتحدي الصهيوني.
لقد حافظ "حزب الله" على زخم استغلال معاناة الشعب الفلسطيني من خلال قصف محدود على الأرض، وهو المقيد، كما يبدو، بما يجري تحت الطاولة من تفاهمات بين طهران وواشنطن عبر وسطاء، ليستفيد الطرفان من معاناة غزة.
لقد مثل قصف الجيش الصهيوني من جنوب لبنان مع بعض الهجومات المتقطعة ضد قواعد أمريكية في العراق وسوريا وما يقوم به الحوثيون من إطلاق بعض المسيرات عبر البحر الأحمر.. مثل كل ذلك، محاولات إيران لتحسين الشروط في إبرام صفقات تحت الطاولة التي تعلوها الشعارات الداعمة والمؤيدة و"المساعدة" للمقاومة الفلسطينية.
تقديري السابق بدخول "حزب الله" في حرب شاملة مع الكيان المعتدي، تم بناؤه على مصلحة الحزب قبل اعتباره إسنادا لحماس وبقية الفصائل، على اعتبار أن حماس ستكون الثور الأبيض الذي سيتيح أكله للصهاينة أكل بقية الثيران، وأولهم "حزب الله".
عدت إلى قناعتي الأصلية، والتي دونتها خلال الأيام الأولى للعدوان على غزة، وخلاصتها أن من راقب رد إ يران و" حز ب الله" على اغتيال الكيان الصهيوني لقائد الحرس الثوري قاسم سليماني والقائد الميداني عماد مغنية.. يجب ألا يتوقع ردا مثلجا للصدور على المجازر في غزة.
أعود وأكرر أن إيران ستعتبر الحرب على غزة فرصة ثمينة لتكسب طهران نقاطا جديدة على صعيدين، أحدهما الإستغلال المفرط لعواطف الشعوب العربية والإسلامية، وثانيهما التنازلات الغربية في ملف المفاوضات على ملفها النووي، وغض الطرف عن توسعها في المنطقة السنية، على وجه التحديد.
لقد طوينا ملف التعويل على إيران ومحور مقاومتها، ونحن نعيش الفصول الدموية الغادرة لفترة السماح الأمريكية للصهاينة، وإطلاق يدهم للتطهير العرقي من خلال ارتكاب المجازر في قطاع غزة المحاصر، وهي الفترة التي طالت أكثر مما توقعته الإدارة الأمريكية التي وفرت الغطاء السياسي والدعم العسكري واللوجستي للكيان الصهيوني من أجل تحقيق إنجاز على الأرض يعيد له الاعتبار بعد عملية "طوفان الأقصى".
طالت فترة السماح لأنها تتطلب انتصارا عصيا على التحقيق.. بل مستحيل التحقيق، بإذن الله.
وكما أقول دائما، فالحرب بخواتيمها، ونحن على يقين بأنه "سيهزم الجمع ويولون الدبر"، لأننا نؤمن بأن الله "لا يخلف الميعاد"، وقد وعد المرابطين في بيت المقدس وأكناف بيت المقدس بالنصر، وهو آت لا محالة، رغم أنف نتنياهو وبايدن وماكروه وشولتز وسوناك... وكل جزاري العالم الملطخة أياديهم بدماء الأبرياء.
وأخيرا ستقتنع الولايات المتحدة وأوروبا والصهاينة أن قتل الأبرياء بالقصف الجوي العنيف لن يحقق لهم نصرا، بل إنه سيعزز أدلة ارتكابهم للجرائم.. فانتصارات الحروب تكتبها البطولات على الأرض.. وهيهات أن يحققها الصهاينة الجبناء.
سيدي محمد يونس