أزمة البلد الحقيقية، #أزمة_إعلام!(سيدي محمد صمب باي )
لن أخوض في قصة USA Today حديث الساعة، ولا حتى في حوارات الرئيس غزواني المتتالية مع صحف "جون آفريك و لوفيغارو"، لأن التسويق الإعلامي ليس بدعة، بقدر ما أفهمُ أن التميًيع الممنهج للإعلام المحلي هو سبب ما نعانيه اليوم من تغوٌل الغوغاء وتحكمُ أشباه المثقفين في إنارة الرأي العام؛
مُعضلة نظام الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني الحقيقية هي في الإعلام الرسمي بعجزه الواضح عن تسويق الإنجازات والإصلاحات الكبيرة التي قادها الرجل في مختلف المجالات، هذا من جهة، ومن جهة أخرى تضييق الخناق على الإعلام المستقل بتعطيل القوانين الناظمة للإشهار، وهو ما خلق وجود عشرات المهرجين وأدعياء المهنة وعجًل بوأد المؤسسات الصحفية الجًادة على قلتها، ليقتصر العمل الصحفي الميداني على حديث الصالونات وتسريبات غير مؤسسة بهدف الإبتزاز وتصفية الحسابات الشخصية، فكيف لإعلام فاقد للثقة والمصداقية أن يساهم في كشف الفساد وإيصال معاناة المواطنين؟..
وعلى الرغم من الانتشار الواسع لإعلام المواطن وتطوًر منصات التواصل الاجتماعي، ماتزال القطاعات الحكومية تتشبث بمسؤولين إعلاميين لا علاقة لهم بالمجال و الوسط الصحفي ولا حتى بالتقنيات الجديدة، فأغلب المكلفين بالإعلام في الوزرات والمؤسسات العمومية يفهمون أن مهمتهم تقتصرُ على الأسلوب القديم في التلميع وتحسين صورة قطاعاتهم دون إدراك للجمهور المستهدف ولا كيفية التعاطي مع التطور الحاصل في التقنيات وسرعة كشف تزييف الحقائق.
لقد باتَ من الضروري أن ينصب اهتمام النظام على غربلة وإصلاح "الصحافة" دون مقدمات، وخلق مؤسسات صحفية جادًة ومتختصًة تنتزعُ ثقة المواطن وتلبي حاجة الباحثين والأكادميين عن مكنوزات البلد الطبيعية والثقافية وتواكبُ الطًفرة الاقتصادية الوشيكة والتي تتطلب تضافر الجهود والتأسيس للدولة المدنية ودولة القانون قبل فوات الأوان.