رسائل انتخابات 29 يونيو.. هل قرأها الرئيس بتمعن؟ ( لبجاوي انفو)
في صندوق بريد الرئيس المنتخب محمد ولد الشيخ الغزواني رسائل عدة أرسلها الشعب غداة اقتراع التاسع والعشرين من يونيو تستحق قراءة متأنية وردًّا سريعا نظرا لطابعها الاستعجالي وظروف البلد الضاغطة التي أفرزتها،
أولى هذه الرسائل وآكدها هي تلك الواردة من "موريتانيا الأعماق" وقواها الحية المتمثلة في" المشايخ الروحية" والزعامات الاجتماعية وأصحاب الأيادي الحانية على أهل تلك القرى، مفادها : أن شعب هذه الأعماق في الحوضين ولعصابه وترارزة وتگانت وآدرار وگورگول وتيرس الزمور وغيرهما هو من انتخب غزواني ودعمه بصدق، معبرا بذلك عن حرصه على أهمية السلم الأهلي والتهدئة والاستقرار، على الرغم من عدم رضاه عن إدارة الحملة،
هذا الخزان الانتخابي في الأعماق الذي أنقذ المشهد حين فشلت إدارة الحملة وتقاعس رجال الأعمال،
لايفتأ يؤكد استيائه من المقاربات الشرائحية واللونية التي اعتُمدت لإسناد المهام في المأمورية الأولى مُحملا حكومات المحاصصات اللونية والمناطِقية مسؤولية غياب الخدمات الأساسية في قراه وحواضره،
ثاني هذه الرسائل هو فشل المراهنة على " نخب المدُن الكبيرة " خصوصا تلك التي لاتمتلك أي رصيد سياسي في طول البلاد وعرضها، ولم تستطع جلب أي فئة ناخبة للنظام سواء كانت شرائحية أو عُمرية، بل هُزم النظام في عقر دارها وفي المناطق التي كُلفت بإدارة الحملة فيها،
ثالث هذه الرسائل هو ضرورة التخلص وبسرعة من الأسباب والآليات السياسية والإدارية التي ساهمت في تآكل جزء كبير من صورة النظام خلال الخمسية الأولى وإدخال تحسينات جوهرية في الأيام الأولى من المأمورية الثانية،
لعل من أهم هذه التحسينات ضرورة التخلي عن فكرة تكليف وزير أول من شريحة معينة أو تشكيل حكومة ذات طابع محاصصاتي مناطقي، فقد جُرّبت هذه المقاربات في الحكومات السابقة ولم تأتي بالحل السحري لمشاكل التنمية في البلد ولا ساهمت في محاربة الغبن أو المساعدة الفعلية للطبقات الهشة، بل أضحت وسيلة للمزايدات وموجة يركبها البعض سبيلا للوصول إلى بُغيته السياسية والإقتصادية؛
إن رسائل الشعب في هذا الاتجاه واضحة تنشدُ تكليف وزير أول يمكنه إحداث الفارق من خلال تحقيق إنجازات ملموسة وتنسيق العمل الحكومي بقوة والتركيز على مشاريع كبيرة وإنشاء بنى تحتية وتزويد القرى والأرياف بأساسيات الحياة وتشغيل الشباب بالإضافة إلى القدرة على التعاطي مع كافة فرقاء المشهد الوطني بأريحية وموضوعية بغض النظر عن لونه أو شكله أوجهته..
لقد كشفت الحملة الأخيرة عن خلل في المنظومة التي كُلفت بتسييرها من قبل الرئيس، وأظهرت تقاعس بعض رجال الأعمال الذين مكنهم النظام وبوّءهم مكانا عليا، ولولا " انتفاضة الأعماق" وجهود المخلصين للرئيس في الدوائر الانتخابية المحلية وتدخلات جزء يسير من رجال المال لكان الوضع مختلفا،
الأدهى من ذلك هو الغياب المريب لهؤلاء الشباب والكهول الذين تصدروا المشهد طيلة الحملة، في الذود عن حمى النظام بل الدولة ككيان في ظل الأحداث التي أعقبت إعلان نتائج الانتخابات وشهدت محاولات جادة لإحداث الفوضى وزعزعة الأمن، وكأن الأمر متروك على عاتق السلطات الأمنية ووزارة الداخلية وعليها معالجته من الناحيتين السياسيّة والأمنية،
إن الرئيس غزواني مطالب بأن يعيد قراءة رسائل الشعب بتمعن لما لها من أهمية في ترتيب الأوراق من جديد لرسم معالم خارطة طريق قوية في بداية المأمورية الثانية.