السيد الرئيس.. بصمة للتاريخ، فقد تبين الخط !! / محمد ولد سيدي
نتائج الإنتخابات الرئاسية الموريتانية في 29/6/2024 هي حصاد ليس ككل الحصادات، على مر تاريخ البلد، إنها حصيلة تراكمات من تولفة من أنظمة سابقة، اتخذت من اصطياد الخصوم فلسفة للرضا على حساب محاربة الفساد و التشغيل والتصنيع والإعتناء بالعمال والتقرب من الطبقة الكادحة عن طريق تخفيض الأسعار ،وعدم مجاراة الظروف الدولية بعد أن زالت تداعيات جائحة كورونا و تجاوزت الحرب الروسية _ الأوكرانية مخلفاتها عالميا .
فقد رأينا كيف بدأ رئيس السنغال مأموريته، بتخفيض أسعار المحروقات والمواد الغذائية التي خفضها الرئيس السابق ماكي صال من أجل التقرب من المواطنين البسطاء أكثر والذين هم مرتكز الخطط والبرامج والسياسة العامة ؟
لقد حطم ساستنا الرقم القياسي في المبادرات الداعمة والتنافس القبلي سواء نصرة لغزة أو في زيارات الرئيس للمحافظات الداخلية طيلة العهدة الماضية إلا أن تأثيرات العوامل الحضارية وضعف الأداء الحكوماتي رغم محاولة الإصلاح و ترتيب البيت الداخلي الموالاتي، لم يعط النتائج التي كان ينتظرها ربان السفينة ، إذ تم تحوير حكومة الرئيس المعاد انتخابه اربع مرات ثلاث منها برئاسة الوزير الأول الحالي المهندس محمد ولد بلال والحكومة الأولى برئاسة الوزير الأول إسماعيل ولد بدة ولد الشيخ سيديا وكأن لكل 12شهرا حكومة طيلة العهدة المنصرمة.
الحياة دروس ماكانت هناك حياة، والعوامل الجغرافية يحسب لها حساباتها ،سواء عن طريق السن ،او تراجع نسبة الشيخوخة،كما للعوامل الإقليمية، والتداخل الإثنياتي، والظواهر العابرة للحدود، كالهجرة، والجريمة المنظمة، والإرهاب، كما يحسب للوعي المجتمعي حساباته ،هو الآخر، وبالتالي فإن سيكولوجية تفكير المواطن ليس في المدن فحسب ،بل في الوسط الريفي قد تغيرت ، الى حد التمرد على الأنماط التقليدية التي هي جوهر السيطرة والتمكن وتكريس ثقافة الغبن في العقود الماضوية لذا فإن دينامكيات التفكك وسقوط العروش وانهيار الدول سببه الأول والأخير هو البطانة الضيقة التي لم تنقل واقع المجتمعات الى أولي الأمر النقل الموضوعي حتى تداعت وتساقطت كتساقط أوراق الخريف من القذافي الى عالي عبدالله ومبارك وبنعالي وتوماني تورى والبشير وغيرهم .
إن الخمسية الجديدة، أو العهدة الثانية، يجب أن تمتاز بالصرامة والعقوبة والحضور إعلامياتيا لأن نتائج الإنتخابات الرئاسية في الأوساط الحضرية ذات الحجم الكبير ك...نواكشوط ونواذيبو فضلا عن محاذاة الضفة بل وحتى في الأدغال ،والأحياز، الصحراوية، أحيانا يفرض مراجعة شاملة وتغييرا جذريا على السياسة العامة للحكومة سواء تعلق الأمر بالجهاز الإداراتي أو بالمشاريع التنموية وطرق تنفيذها ومتابعتها مع مراعاة العامل الزمني ، فقد أمضينا من الزمن مايجعلنا أكثر تطورا وازدهارا بيد أن للريعيين رؤى مغايرة للنهوض والتقدم و ليس حصاد الإنتخابات الرئاسية في الأوساط الحضرية الأكثر وعياُ ،وهجرة الشباب، وتدني نسبة المشاركة إلا مرآة عاكسة لواقع البلاد، الذي يحتاج إلى جرعة إصلاحات سريعة المعطى،سريعة التنفيذ لمواكبة عجلة الحداثة ،والتحديث، ف....أمة تأكل من خارج حدودها، في محيط إقليمي صعب،وعالم تنخره الأزمات، يجب أن تعزز مكانتها عن طريق الإعتماد على الذات ،والإبتكار،في عصر لا مكان فيه للضعيف.
البرامج والمقاربات ترسم بخيز زمني قريب ومتوسط وطويل المدى وإنتخابات 2024 أصلت لها نتائج إنتخابات 2019م فلم تحدث تغييرا على مستوى الخريطة السياسية سوى تآكل الأحزاب السياسية وتصاعد الشعبوية لمافي ذلك من مخاطر على البنية الإجتماعية للدولة ،لأن مفهوم معارضة بديلة،دفعت الأحزاب السياسية ثمنه، كما أن امتصاصهم من قلاعهم التي ارهقها التصدع والتشتت والإنقسام أدى الى تقارب الحركات ذات الطابع الأيدولوجي الأفريكاني على حساب الأحزاب ذات المشروع الموحد الجامع للكينونة الإجتماعية لذا فإن إنتخابات 2024م إذا صار مركب البلاد على نفس النهج فإن إنتخابات 2029 ستكون لها إفرازات أخرى لأن القواعد القديمة تآكلت وعفا عليها الزمن .
في الاخير أفضل مافي هذه الإنتخابات هو اعتراف الخصوم بالنتائج وبالتالي تكون اللجنة الوطنية للانتخابات قد حسنت من أدائها وهذا يعد لبنة تعزز التجربة الديمقراطية .
لقد أوضحت نتائج الإنتخابات الرئاسية الموريتانية الأخيرة هشاشة الأحزاب السياسية وضمور النخبة،وتدني شعبية الضيوف الجدد الذين التحقوا بركب الموالاة من مؤسسات المعارضة الواهنة .
السيد الرئيس، بصمة للتاريخ ،كما فعلها شباب الخليج، بنسلمان،وتميم، وقبل ذلك، ليكوان يو، والمارد الصيني، و الشيخ زايد آل نهيان، وبعدهم،بول كاغامى .
السيد الرئيس،بصمة للتاريخ، فقد وجدت الظروف المناسبة مرة أخرى ...