قيمة النظر للمستقبل (للمابعد) السعد بن عبدالله بن بيه

●يختلف رجل الدولة عن رجل السياسة؛ اختلافا جوهريا وعميقا، فإذا كان رجل الدولة رجل سياسة بالضرورة، فإنه يزيد عليه بالنظر والتفكر والعمل لمستقبل البلاد ( الكيان/ الدولة) حتى في وقت قد يكون خارج اللعبة السياسية بل قد يكون خرج من الحياة!

●بينما لا يتجاوز نظر السياسي، أبعد من همه اليومي ومصلحته القريبة والخاصة، جاهلا ومتجاهلا لآثار ومرتجعات سلوكه على الدولة؛ ككيان جامع ومتجاوز للعبة أصحاب النفوذ اليوم، ومصالحهم الضيقة التي لا تعني سوى مزيد من النفعية والمغنمية، حتى ولو أدى ذلك إلى تدمير المُجْمَع عليه؛ البقاء والرفاه والمستقبل للجميع، بمافيه أجيالا قادمة لم ترى النور بعد!

رجل الدولة رجل مهموم باستمرارية الدولة وبقاءها ومنعتها وقوتها ورفاهيتها، بينما رجل السياسة كائن مهموم بخويصة نفسه انتخاباته ومنصبه ومكسبه ولا شيء آخر.

هناك فرق جوهري يجعل -دائما- من سلوك رجل الدولة سلوك استيراتيجي؛ يرى أفق السياسة في إطار تاريخي أشمل، يضرب حسابا دقيقا وخاصا للمجتمع وعيا وحركة وغاية، بل إن حسه الاستيراتيجي المسؤول؛ يجعله يتنبه لحركة المحيط مجتمعا ودولا، ونتيجة هذا الوعي الشاق هو محاولة بناء دولة قادرة ليس على البقاء فقط؛ بل على على المنافسةو الانتصار والفخار، حينها يطلق التاريخ حكمه؛ فيضم هذا الرجل إلى قادة الأوطان وبناتها.

وعلى النقيض من ذلك، فإن صاحب التكتيك الشخصي والقريب( رجل السياسة)، لا يعيش لا في التاريخ ولا في الذاكرة ، إنه قطرة تتبخر مع تقاعده أو وفاته.

وما أقسى التاريخ؛ إذ أنه لا يعمل على نحو أنيق كما يظن البعض، فله قمة للعظماء وله مزبلة للآخرين.

فأنظر فيما تختار أيها المتصدر للشأن العام!

كتبه/ السعد بن عبدالله بن بيه

رئيس مركز مناعة الإقليمي لليقظة الاستراتيجية

31 August 2024