هل تسعى روسيا لملء الفراغ الفرنسي في الساحل؟

بدأ وفد حكومي روسي بقيادة نائب رئيس الوزراء الروسي ألكسندر نوفاك، وعدد من أعضاء الحكومة وممثلي البرلمان والقطاع الخاص في الاتحاد الروسي، الجمعة زيارة إلى عاصمة بوركينا فاسو وذلك في إطار زيارة عمل شملت بالإضافة إلى بوركينا فاسو؛ مالي والنيجر.

وأجرى الوفد الحكومي الروسي، خلال الجولة التي بدأت من مالي وشملت بوركينا فاسو، واختتمت من النيجر، عدة لقاءات مع مسؤولين كبار في حكومات البلدان الثلاث.

الزيارة الأولى لوفد حكومي روسي

الزيارة الأولى من نوعها لوفد حكومي روسي بهذا الحجم، تأتي بعد طرد القوات الفرنسية والأمريكية وحتى الأممية من الدول الثلاث، وبعد ساعات على إعلان تشاد انتهاء اتفاقية التعاون العسكري مع فرنسا، ووسط حديث بعض الصحف العالمية عن مساعدة روسيا لبلدان الساحل الثلاث في تطوير ترسانة أسلحتها.

ففي الرابع والعشرين من شهر نوفمبر الجاري تحدثت صحيفة “لوموند” الفرنسية عن أن الحكومات العسكرية الحاكمة في مالي وبوركينا فاسو والنيجر عززت وسائلها الجوية بشكل كبير بمساعدة شركائها الأجانب في أنقرة وموسكو.

وأوضحت الصحيفة أن هذا التعزيز الجوي يأتي “لتعقب المتمردين والجماعات المسلحة” الناشطة في منطقة الساحل الإفريقي.

وأشارت الصحيفة إلى أن الجيوش التي تحكم مالي وبوركينا فاسو والنيجر، لا تعتمد فقط على المسيرات لتعزيز قدراتها الجوية، بل على الطائرات المروحية الهجومية والطائرات المقاتلة، والطائرات المجهزة بوسائل المراقبة، والاستطلاع.

الهزيمة الأكثر دموية لفاغنر في إفريقيا

كما تأتي زيارة الوفد الروسي، بعد أشهر على ماوصفه محللون بالهزيمة المذلة والأكثر دموية لقوات فاغنر في إفريقيا، والتي كان الشمال المالي مسرحها، وذلك بعد أن نجحت الحركات الأزوادية المتمركزة في شمال البلاد في هزيمة فاغنر والجيش المالي، ومقتل قرابة 50 مقاتلاً من فاغنر قُتلوا في كمين على الحدود مع الجزائر، فيما فقد الجيش المالي نحو 20 جنديا.

مساعٍ روسية لملء الفراغ الفرنسي

الصحفي المختص في الشأن الإفريقي محفوظ ولد السالك، قال في حديث لوكالة “مدار” الإخبارية، إن مساعي روسيا لملء الفراغ الفرنسي بمنطقة الساحل قائمة منذ فترة، ويمكن القول إنها بدأت منذ حصلت انقلابات عسكرية أطاحت بالرؤساء المدنيين المقربين من فرنسا.

وأضاف ولد السالك أن “روسيا الآن تعمل على مستويين أولهما تثبيت الشراكات القائمة بين مالي والنيجر وبوركينا فاسو، والثانية البحث عن شراكات جديدة مع دول جديدة، وهذا بدأ يتحقق من خلال الخطوة التي اتخذتها تشاد بإنهاء اتفاق التعاون العسكري مع فرنسا، وكانت منذ بعض الوقت قد تقاربت مع روسيا”، وفق قوله.

الاضطراب الأمني.. هل يخدم الأطراف الدولية؟

وأكد ولد السالك في إجابته على سؤال لوكالة “مدار” أن “اضطراب الوضع الأمني في المنطقة يخدم كل الأطراف الدولية المتنافسة على القارة، واستمراره يشكل مدخلا رئيسيا لبعضها من أجل تعزيز حضوره وتموقعه”.

ولفت ولد السالك، إلى أن “القضاء على الجماعات المسلحة يكاد يكون مهمة شبه مستحيلة، فشلت فيها فرنسا على مدى أزيد من عقد، وستفشل فيها روسيا وغيرها من الأطراف الأخرى”.

وتابع قائلا: “اضطراب الوضع الأمني أيضا من ناحية أخرى يتخذه العسكريون كشماعة لتمديد بقائهم في السلطة، ويتخذه آخرون سببا للإطاحة بهم، وبالتالي هو يشكل عاملا يخدم كل الأطراف، وإن أخفت ذلك، وأبدت السعي للقضاء عليه”.

مدار

30 November 2024