الكفاءات بين التهميش والتملق: طريق الدولة نحو التدهور

الشيخ عمر شيخن سيدي عالي/ في ظل تجاهل نظام ولد الغزواني للكفاءات من حملة الشهادات، واعتماده على المتملقين وأصحاب المصالح الضيقة، يبدو أن صوت العقل والمعرفة قد تم استبعاده لصالح من يزينون له القبيح ويقبحون الحسن. هؤلاء الذين باعوا ضمائرهم للطمع، حتى أنساهم بريق المناصب والمكاسب ذكر الله والعدل بين الناس. وحين يُستبدل أهل الكفاءة بأهل النفاق، تُشوَّه الحقائق، ويصبح الولاء الأعمى معيارًا، فتضيع الحقوق، ويغيب العدل، ويُهمل أصحاب العقول النيرة الذين كان يمكن أن يكونوا ركيزة للإصلاح والتنمية.

 

وفي ظل هذا النهج القائم على تهميش الكفاءات وتمكين المتملقين، لا شك أن الدولة تتجه نحو التدهور والانهيار البطيء. فحين يُستبدل العلم بالجهل، والخبرة بالمجاملة، والوطنية بالمصالح الضيقة، تفقد مؤسسات الدولة فاعليتها، وتصبح القرارات مرتجلة، والتنمية مجرد شعارات جوفاء. الاقتصاد يترنح، العدالة تتلاشى، والإدارة تتحول إلى مرتع للمحسوبية والفساد. وحين يُترك مصير الأمة بأيدي من لا همّ لهم سوى خدمة أنفسهم، يكون المستقبل محفوفًا بالمخاطر، ولا مخرج إلا بإعادة الاعتبار للكفاءة والنزاهة، ووضع مصلحة الوطن فوق كل اعتبار.

 

فالدولة لا تقوم إلا على سواعد الكفاءات، ولا تزدهر إلا بعقول المخلصين من أبنائها. فالتاريخ شاهد على أن الأمم التي أعطت الأولوية لأهل العلم والخبرة، وتجاوزت منطق المحسوبية والتملق، هي التي نهضت وحققت التنمية والعدل. أما تلك التي استبدلت الكفاءة بالولاء الأعمى، فقد غرقت في الفساد والتخلف، حتى فقدت ثقة شعبها وانحدرت نحو الضعف. فبالعلم يُبنى المستقبل، وبالعدل تستقيم الأمور، وبإسناد الأمور إلى أهلها تحفظ الأمانة وتصان حقوق الأجيال القادمة.

 

وحين تُهمل الكفاءات ويُقصى أهل الخبرة، تتحول الدولة إلى جسد بلا روح، يسير بلا رؤية واضحة، ويغرق في الفوضى والتخبط. فالتنمية ليست مجرد شعارات، بل هي سياسات محكمة، وإدارة واعية، ورجال يُقدمون المصلحة العامة على المنافع الشخصية. أما حين يصبح الولاء هو المعيار الوحيد، ويتصدر المشهد أصحاب المصالح الضيقة، فإن القرارات تفقد جودتها، والمؤسسات تفشل في أداء دورها، وتبدأ الهوة بين السلطة والشعب في الاتساع. فالأوطان لا تُبنى على التملق، ولا تزدهر بالفساد، بل تقوم على العدل، وترتقي بالكفاءة، وتنهض بسواعد أبنائها المخلصين الذين يعملون من أجلها بصدق وإخلاص.

8 February 2025