نعم، نعم، لقد آن لهذه التابوهات أن تُقتحم*
الحدث المنتظر اليوم باسم “تشاور” ولقب “حوار” و شكل “مناسبة اجتماعية” غير شرعية، يذبُلُ كل يوم في نفوس الناس، لأنه يزاحمُ تطلعات مجتمع مَلَّ السياسة و الحوارات و التشاورات و الورشات و الأيام التفكيرية العالقة بين أحلام يقظة المعارضة و أكاذيب غفوة الأنظمة..
إذا كان الرئيس غزواني يصر على تنفيذ برنامج تعهداته لمنتخبيه ، فعلامَ الحوار؟
و إذا كان غيَّرَ رأيه في برنامجه ، فباسم من يحاور حزبُه اليوم؟
و إذا كان حواركم “بلا موانع” كما ترددون بافتخار لا يخلو من سذاجة مشفقة ، فلماذا لا تطرحون فيه أسئلة التابوهات الكبرى.. التابوهات الحقيقية .. التابوهات المهددة للوحدة و اللحمة و التعايش و البقاء ؟؟؟؟؟
– إذا كانت العبودية اليوم في موريتانيا جريمة بنص القانون تتولى البتَّ فيها محاكم متخصصة، فإن من يمارسها و من تمارس عليه سواسية في الجريمة ..
و إذا كانت العبودية اليوم جريمة كاملة التعريف، فإن تكييف الحالات الاجتماعية ذات الارتباط بها و المخالفة لها حد العكس، من قبل منظمات قاصرة فكريا تبحث عن تبرير بقائها ، جرائم اجتماعية هي الأخرى أخطر من العبودية ، تجب محاربتها : لا يعنينا الآن أن تكون موريتانيا كلها عبيد . ما يهمنا اليوم هو أنه – و بفضل نضالنا المستميت الذي سبق بكثير نضال مسعود و ولد مسعود و بيرام و ولد يالي و الرگ و إيرا – لم يبق أي سبب للعبودية في بلدنا ؛ البقية لا تعنينا في شيء و لا تعني الدولة في شيء : لم تبق اليوم أي كلمة في هذا الموضوع لغير القضاء..
على حواركم ال”بلا تابوهات” أن يطرح من هم ضحايا العنصرية اليوم ؟
من يتحملون اليوم الشتم و الإهانات و الاستفزازات المستمرة و هم قادرون على الرد، حفاظا على ما يستهتر به غيرهم و بأعلى درجات الوعي و تحمل المسؤولية !؟
و بلا تابوهات ، نتساءل اليوم ، لماذا تتحاشى نخب البيضان وحدها طرح التابوهات الحقيقية !؟
– لماذا يكون كل المطالبين بالانفصال في موريتانيا من غير أصول موريتانية؟
– لماذا لا نقول للمطالبين بانفصال الجنوب ، أنهم لا يمثلون أغلبية في أي من مدنه ؟
– لماذا لا نذكر المطالبين بالاحتفاظ بالفرنسية (بدعوى المساس بمصالحهم) أن 95٪ من حملة الشهادات الفرنسية من البيضان (بيضا و سودا) ؟
– لماذا لا نذكر من يعتبرون 28 نوفمبر يوم حزن ، بأننا نحتفل به منذ 1960 كيوم حزن ، نتذكر فيه شلال قوافل شهدائنا على امتداد 55 سنة من ممارسات المستعمر القهرية ضد شعبنا و مرارة الاحتلال بكل أنواعها المهينة : تلك هي حصيلة 28 نوفمبر بالغة الحزن في نفوسنا المكلومة، لكنه حزن يعانق كبرياءنا بفخر و اعتزاز ، فماذا يعانق حزنكم فيه غير أسف تلك المؤامرة العنصرية المحاكة في باريس و داكار؟
# تلك هي التابوهات التي يجب كسرها في هذا الحوار .
أما طرح الكونفدرالية فليس من التابوهات في شيء بأي وجه ؛ تلك جريمة مكتملة الأركان لا مبرر لها (كحضور المطالبين بها جلسات الحوار )
تلك مطالب لا قابلية لتنفيذها و حتى لو حصلت (و هو حلم في قبضة المستحيل) ، ستكون كونفدرالية أو انفصال دولتين من البيضان. و لا أمل في وجودها على امتداد ألف سنة قادمة على الأقل لأن سيظل دونها نهر من الدماء و جبل من العناد ..
على من يركبون اليوم زورق التابوهات المتخبط في المياه العكرة أن يفهموا أنها لن تحرج غيرهم و أن كل المسكوت عنه اليوم، يمثل حكمة و حنكة أبناء هذه الأرض بما عرف عنهم من دهاء و فطنة و خبث عند الضرورة..
– على أبطال هذا الحوار غير المبرر ..
– على حكماء هذا التشاور غير الضروري ..
– على مغامري هذا المنحدر الزلق ال”بلا اسم”
– على المتحمسين لهذه الفوضى ال”بلا تابوهات”،
أن يفرقوا بين الجريمة و التابو .. أن يكسروا التابوهات الحقيقية :
لقد أصبح العنصري الساذج في بلدنا ، مناضلا حقوقيا و الأجنبي المعاديعلنا، أول من يدلي برأيه في شؤون بلدنا الداخلية و المتجنس بالأمس (لا نعرف كيف) هو المواطن من الدرجة الأولى الذي يملي علينا شروط التعايش معه !!
نعم، نعم ، لقد آن لكل هذه التابوهات أن تقتحم.
* سيدي علي بلعمش