الإقتصاد الموريتاني من الفوضى إلى ملامح الاستقرار/جمال أباه

قبل نحو خمسة عشر عامًا، لم تكن لموريتانيا ميزانية واضحة تعكس الواقع الحقيقي لمسار الاقتصاد الوطني، كما غاب الدور الإنتاجي للدولة وضعفت السوق المحلية بسبب غياب شركات تمويل وتصدير فاعلة. وخلال تلك المرحلة، هيمن تجار ركزوا على استيراد المواد الأساسية، دون أي تفكير جدي في الاستثمار المنتج أو التصدير، ما حرم البلاد من موارد العملة الصعبة وأضعف ميزان المدفوعات.
وانصب اهتمام عدد من هؤلاء التجار على بناء المساكن وشراء الأراضي بهدف امتلاك نواكشوط، في محاولة لتبرير وجود استثمار، رغم أن الاستثمار العقاري غير المنتج لا يرقى إلى مستوى الاستثمار الاقتصادي الحقيقي. ومرت البلاد بفترات من الضعف الاقتصادي بلغ فيها العجز حدًّا جعل بعض التجار يساهمون في دفع رواتب عمال الدولة، في مشهد يعكس هشاشة المالية العمومية آنذاك.
ومع بداية 2010، بدأت الدولة صراعًا جادًا لتنظيم اقتصاد غير مهيكل، وفرضت حضورها عبر إعادة ضبط العلاقة مع رجال الأعمال وتنظيم اتحاد أرباب العمل، لتظهر تدريجيًا ملامح واقع جديد، تجسد في تعزيز مؤسسات الدولة وبناها الخدمية.
وخلال السنوات الخمس الأخيرة، ورغم الأزمات العالمية، واجهت الحكومة التحديات بشجاعة، ولم تكن الحلقة الأضعف إقليميًا، بل واصلت دعم المواطنين، وضخت موارد معتبرة لمكافحة الفقر وتعزيز الحكامة والمساواة.
اليوم، يمكن القول إن موريتانيا تعمل ضمن دائرة اقتصادية أكثر انسجامًا بين الأرقام والواقع، ولم يعد ينقص هذا المسار سوى سياسة نقدية واضحة تدعم العملة الوطنية وتضمن استقرارها .
