ماذا ننتظر في النصف الثاني من المأمورية؟ / محمد الأمين ولد الفاضل
انتهى النصف الأول من مأمورية الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني مع فاتح الشهر الثاني من هذا العام، وقد تكون هذه مناسبة لنتوقف قليلا مع ما تحقق من إنجازات خلال النصف الأول من المأمورية، ومع ما لم يتحقق، دون أن ننسى أهم شيء يجب أن يكتب عنه في مثل هذا التوقيت بالذات، ألا وهو ماذا ننتظر في النصف الثاني من المأمورية؟.
أولا / ما تحقق من إنجازات في النصف الأول من المأمورية؟
يمكن أن نُجْمِل ما تحقق من إنجازات في النصف الأول من المأمورية في النقاط التالية :
1 ـ تهدئة وتطبيع الحياة السياسية؛
2 ـ رفع العديد من المظالم؛
3 ـ الاهتمام بالفئات الهشة؛
4 ـ التمكن من الحد من الانعكاسات السلبية لجائحة كورونا، فعلى المستوى الصحي فهناك إشادة دولية بالجهود المبذولة في هذا المجال وبارتفاع مستوى نسبة التلقيح في بلادنا، وعلى المستوى الاقتصادي والاجتماعي فيكفي أن نشير إلى أنه لم تغلق أي شركة أو مؤسسة عمومية خلال فترة الجائحة، ولم تتم أي عملية تسريح للعمال في أي مؤسسة عمومية، بل على العكس من ذلك فقد وصلت عمليات الاكتتاب في فترة الجائحة في بعض القطاعات العمومية إلى أرقام غير مسبوقة لم يتم الوصول إليها من قبل الجائحة؛
5 ـ الحد من مستوى الجريمة وتفشيها، وذلك بعد أن بلغت في بعض الفترات مستويات مخيفة ومقلقة؛
6 ـ الاهتمام الملحوظ بالسلامة الطرقية من خلال التركيز على التوعية، ونشر العديد من سيارات الإسعاف المجهزة على شبكتنا الطرقية، وكذلك نشر بعض الرادارات لمراقبة السرعة، وقد بدأت هذه الإجراءات تعطي ثمارها لمن يتابع ـ وبانتظام ـ الحصيلة السنوية لحوادث السير في بلادنا؛
7 ـ تضاعف الاحتياطي من العملات الصعبة خلال العام 2021مقارنة بالعام 2019، ووصوله إلى مستوى يكفي لتغطية واردات البلاد من السلع والخدمات لسنة كاملة؛
8 ـ هناك إنجازان هامان ستكون لهما انعكاساتهما الاقتصادية الهامة، وهما يعكسان نجاحا دبلوماسيا مهما، وقد عجزت عن تحقيقهما الأنظمة السابقة، يتعلق أولهما بالاختراق الهام الذي تحقق في ملف ديون الكويت، ويتعلق الثاني بتوقيع مذكرة تفاهم بخصوص تشييد طريق بطول 800 كلم يربط بين مدينتي تندوف وازويرات.
ثانيا / ما لم يتحقق من إنجازات كنا ننتظرها خلال النصف الأول من المأمورية
1 ـ على مستوى محاربة الفساد لوحظ خلال النصف الأول من المأمورية البطء في مسار ملف العشرية، ولوحظ كذلك ـ وهذه هي الأهم ـ عدم الصرامة في مواجهة ما حدث من فساد خلال النصف الأول من المأمورية؛
2 ـ من الملاحظ كذلك خلال النصف الأول من المأمورية عدم الأخذ بمبدأ الشخص المناسب في المكان المناسب في العديد من التعيينات؛
3 ـ البطء في إطلاق وتفعيل بعض المشاريع الهامة التي تم الإعلان عنها في النصف الأول من المأمورية، كالشركة الموريتانية للمنتجات الحيوانية، ومركزية الشراء وتموين السوق؛
4 ـ البطء كذلك في بعض مشاريع البنية التحتية، وخاصة منها ما يتعلق بترميم المقاطع المتهالكة من طريق الأمل؛
5 ـ ضعف الأداء السياسي والإعلامي للنظام.
ثالثا / ماذا ننتظر في النصف الثاني من المأمورية؟
1 ـ ننتظر في النصف الثاني من المأمورية حربا جديا على الفساد والمفسدين، تتمثل في تسريع وتيرة ملف العشرية، ومواجهة ما تم ارتكابه من فساد خلال النصف الأول من المأمورية بصرامة قوية. هناك إشارات جدية في هذا الاتجاه منها ما جاء في خطاب الذكرى الإحدى والستين لعيد الاستقلال الوطني، ومنها إلحاق المفتشية العامة للدولة بالرئاسة وتعيين مفتش عام معروف بالاستقامة والصرامة، ومنها أيضا ما حدث في الأيام الأخيرة من إقالات وإعفاءات لبعض الموظفين الذي تحوم حولهم شبهات فساد. من المنتظر أن تزداد وتيرة الإقالات والإعفاءات بسبب الفساد خلال الأسابيع القادمة؛
2 ـ ننتظر في النصف الثاني من المأمورية أن تكون هناك مراجعة شاملة لملف التعيينات، وأن تعطى الأولوية في التعيينات لأصحاب الكفاءة المشهود لهم بنظافة اليد، ويتأكد الأمر أكثر في مجالين هامين من التعيينات، يتعلق أولهما بالتعيين في القطاعات والمؤسسات الخدمية ذات الصلة المباشرة بحياة المواطن وظروف عيشه (الصحة، التعليم، الزراعة، التنمية الحيوانية، الماء، الكهرباء..إلخ)، ويتعلق الثاني بالشركات والمؤسسات المستحدثة والتي تم استحداثها نظرا للحاجة الماسة إليها؛
3 ـ ننتظر في النصف الثاني من المأمورية المسارعة في تفعيل مركزية الشراء وتموين السوق، والقيام بكل ما من شأنه أن يساهم في تثبيت أسعار السلع الأساسية ومواجهة أي ارتفاع قد يحصل في تلك الأسعار.
4 ـ ننتظر في النصف الثاني من المأمورية التسريع من وتيرة تشييد وترميم الطرق، وخاصة منها المقاطع المتهالكة من طريق الأمل. هذه المقاطع المتهالكة تتسبب في خسائر اقتصادية كبيرة لسالكي طريق الأمل، ويزداد حجم الخسارة بالنسبة للناقلين، ثم إن مشقة السفر التي يعاني منها المسافر عبر هذا الطريق في الوقت الحالي ستجعله ينسى أي إنجاز آخر مهما كانت أهميته، وهذا ما على الحكومة أن تدركه، وعليها أن تدرك أيضا أن أغلب الموريتانيين يسافرون عبر هذا الطريق .
5 ـ ننتظر في النصف الثاني من المأمورية أن تكون هناك التفاتة قوية إلى الذراع السياسي والإعلامي للنظام. صحيح أن هذا الملف لا يعني المواطن بشكل مباشر، وإنما يعني النظام بالدرجة الأولى. إن الكثير من داعمي النظام، وخاصة أولئك الذين اهتموا بالسياسة أو زاد اهتمامهم بها خلال الانتخابات الرئاسية الماضية لثقتهم في شخص الرئيس قد بدؤوا يفقدون الحماس، ومنهم من بدأ في مراجعة مواقفه وتخندقه السياسي.
ختاما
من الواضح أن هناك إشارات قوية جدا تقول بأن النصف الثاني من مأمورية الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني سيشهد تنفيذ بعض الإصلاحات التي وعد بها فخامته في خطاب الاستقلال، وذلك عندما قال، وبالحرف الواحد : " صحيح، أن وتيرة تنفيذ بعض المشاريع غير مرضية. وصحيح كذلك، أن ثمة نواقص وصعوبات على بعض المستويات. لكننا مدركون لها، وعاكفون على تصحيحها."
إن سبب التأخر في هذه الإصلاحات هو أن الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني كان قد ضبط وتيرة الإصلاح على عقارب ساعته هو، والتي لا شك أن حركتها تتأثر ببعض الإكراهات والتعقيدات والظروف، عكس ساعاتنا نحن التي تسير بسرعة أحلامنا وآمالنا، ودون أن تتأثر سلبا بأي إكراهات وتعقيدات، وهذا هو ما جعلنا نعتقد مخطئين بأن عجلة الإصلاح كان بإمكانها أن تبدأ في الدوران وبالسرعة التي نريد، خلال الساعات الأولى من تسلم السلطة.
حفظ الله موريتانيا..