الغرب يعتقد أن الرئيس الروسي يخطط لشئ اسوء من الحرب

نشرت صحيفة "نيويورك تايمز" (New York Times) الأميركية تقريرا يقول إن الغرب يعتقد أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يخطط لشيء أسوأ من الحرب. ورغم أن هناك انقساما بين أميركا وأوروبا بشأن تقييم نوايا بوتين، فإنهما تتفقان على أنه يطمح لما هو أسوأ من الحرب.
ويوضح التقرير -الذي كتبه من فيينا إيفان كراستيف الزميل المقيم بمعهد العلوم الإنسانية بالنمسا- أن الأوروبيين والأوكرانيين يتشككون في حدوث غزو روسي كبير لأوكرانيا؛ ليس لأنهم يعتقدون أن بوتين أكثر اعتدالا، بل لأنهم يرون أنه أكثر خبثا.
صحفية روسية: بوتين عالق في فخ من صُنعه
كما يعتقدون أن الحرب ليست لعبة الكرملي؛ فبدلا من الحرب، يعتقدون أن بوتين سينفذ مجموعة واسعة من التكتيكات المصممة لزعزعة استقرار الغرب. وبالنسبة لأوروبا أيضا، قد يتضح أن خطر التهديد بالحرب سيكون أكثر تدميرا من الحرب نفسها.

تغيير البنية الأمنية الأوروبية

ويضيف كراستيف أن الغرب يعتقد أن الكرملين يريد انفصالا رمزيا عن التسعينيات، ودفن نظام ما بعد الحرب الباردة، وقد يتخذ ذلك شكل بنية أمنية أوروبية جديدة تعترف بمجال نفوذ روسيا في فضاء ما بعد الاتحاد السوفياتي وترفض عالمية القيم الغربية. وبدلا من استعادة الاتحاد السوفياتي، فإن الهدف هو استعادة ما يعتبره بوتين "روسيا التاريخية".
والخلاف بين أميركا وأوروبا حول الوضع في أوكرانيا يتلخص في أن واشنطن تعتقد أن الغزو الروسي هو "احتمال واضح"، عكس أوروبا التي تعتقد أنه ليس كذلك. ونقل التقرير عن دبلوماسي ألماني -وصفه بالكبير- تلخيصه للاختلاف بين الجانبين بأن أميركا تعتقد أن بوتين سيشن حربا شاملة، أما الأوروبيون فيعتقدون أنه مخادع.
وأشار الكاتب إلى أن الحرب الشاملة والغزو الأجنبي بشكل عام لا يمكن تصورهما من قبل الأوروبيين؛ لأن عقود السلام العديدة في أوروبا الغربية، إلى جانب اعتماد القارة العميق على النفط والغاز الروسيين، تدفع المسؤولين إلى افتراض أن التحركات الروسية العدوانية يجب أن تكون خدعة.

تصريح مذهل

ووصف كراستيف تصريح الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي الأسبوع الماضي -الذي قلل فيه من أهمية التهديد الفوري بالحرب، وقال فيه إن الوضع "غامض"- بأنه تصريح مذهل بالنسبة لدولة يهددها 130 ألف جندي روسي على حدودها.
وأكد الكاتب أن هناك اتفاقا عاما على جانبي المحيط الأطلسي على أن الكرملين لن يبقى ساكنا؛ فروسيا، ببساطة، لن تتراجع. ولكن بينما يميل الأميركيون إلى الاعتقاد بأن بوتين يحتاج إلى حرب ساخنة في أوكرانيا لتحقيق طموحاته الكبرى، يعتقد الأوروبيون والأوكرانيون أن الإستراتيجية المفترضة ستكون هجينا تنطوي على الوجود العسكري على الحدود، وتسليح تدفقات الطاقة والهجمات الإلكترونية.

الغزو سينقذ النظام الأوروبي

 

وقال إن التوغل الروسي في أوكرانيا سينقذ النظام الأوروبي الحالي؛ إذ لن يكون أمام حلف شمال الأطلسي "ناتو" (NATO) خيار سوى الرد بحزم، وفرض عقوبات صارمة والعمل في وحدة حاسمة. أما من خلال تمديد الصراع، فيمكن لبوتين أن يربك خصومه؛ إذ إن سياسة الضغط الأقصى -باستثناء الغزو- قد تؤدي في النهاية إلى تقسيم الناتو وشل حركته.

ويوضح كراستيف ذلك بأن ألمانيا، على سبيل المثال، كانت قبل الأزمة أقرب حليف لأميركا في أوروبا، وتفاخر بعلاقة خاصة مع موسكو، وكانت الشريك الأكثر أهمية لأوروبا الشرقية والوسطى. واليوم، يشكك البعض في واشنطن في استعداد ألمانيا لمواجهة روسيا، وعلاقة برلين مع موسكو تتدهور بسرعة، وإحجام ألمانيا الواضح عن تقديم الدعم للأوروبيين الشرقيين يثير غضبهم. ويقول إن هذه الصعوبات التي تواجه ألمانيا هي تلميح لما يمكن أن يحدث إذا استمر بوتين في سياسة حافة الهاوية، من دون تقديم اليقين بشأن غزو فعلي.

ويختم الكاتب تقريره بالقول إن الأوروبيين محقون في الاعتقاد بأن غزو روسيا لأوكرانيا ليس حتميا، وربما يكونون محقين في أنه ليس السيناريو الأكثر احتمالية.

 

يقول المثل الروسي: “إذا قمت بدعوة دب للرقص، فأنت لست من يقرر متى تنتهي الرقصة”… “إنه الدب”.

 

 

 

المصدر : الجزيرة نت + نيويورك تايمز

5 February 2022