وزراء الفرصة الأخيرة
وزراء الفرصة العابرة
شكّل وزراء الزين ولد زيدان، في نظري، أفضل حكومة موريتانية منذ الاستقلال، لما تتمتع به من كفاءة، جعلت منها خليّة نحل منسجمة مع روح العصر التي تتطلع للخلق و الابتكار، و تواءم في عملها بين “حفظ الموجود” و “طلب المفقود“. ورغم أن تلك الحكومة كانت أفضل ما كان، إلا أنه بالإمكان دائما أن يكون هنالك الأفضل، و هذا الطموح هو ما كان يدفعني للتنبيه، بلذاعة أحياناً، على النصف الفارغ من كأس حكومة ولد الزيدان.
منذ ثلاثة أعوام، تصرّمت حقبة رئيس لم تكن الكفاءة ضمن أولوياته في اختيار مساعديه، فقد كان جوابه لمن أخذوا عليه تعيين عديم كفاءة مثل محمد الأمين ولد الداده: “إنما أبحث عمن يمتثلون الأوامر“.. و لعله قصارى ما نتوقعه من رئيس لم يتجاوز في تعليمه إعدادية دارومستي.
منذ وصول الرئيس محمد ولد الغزواني لسدة الحكم، تعاقب على الوزارة الأولى رجلان لم يوفّقا البتة في انتقاء أطايب الرطب من طبق المؤهلين للتوزير، و هذا ما انعكس بشكل لافت جداً على أداء و تسيير ثلاث سنوات من حكم ولد الغزواني، الذي لم يجمع المويتانيون على رجل ما أجمعوا عليه، و لم يجدوا لدى غيره ما وجدوا لديه من إنصاف و استعداد للإشراك في بناء و تنمية البلاد، غير أن أغلبية الوزراء و المدراء يواكلون سيرهم، ثم يغرَقُون في فنجان قهوة فلا يحسنون السباحة للخروج منه..
ما قام به الرئيس غزواني من منح الوزراء صلاحياتهم كاملة، و الامتناع عن التدخل في عملهم، سلوكُ رجل دولةٍ ديمقراطية، غير أنه ينبغي أن يشفع هذا التوجه باختيار موفّق لفريق العمل، يتوخى فيه الكفاءة و الاستقامة المهنية، و بتفعيل لا يستنثني أحداً لآليات و أدوات المكافئة و العقاب.
الوزير الذي يتعامل مع حقيبته الوزارية و كأنها هبة السماء الأخيرة، و سدرة منتهى طموحه، و اللُّهوة التي لا يتسع لها فاه، و فرصته العابرة لأن يكون شيئاً، لا يستحق أن ينتدب لهذه المهمة الضليعة.. فكيف بالسكرتيرات و المتدربات و أصحاب السوابق…!
لنبحث عن أولئك المطلوبين لدى المنظمات و الهيئات الدولية، و الذين لا يرون في العمل ببلادهم غير تأدية واجب وطني، و قضاء ديون تستحقها عليهم مساقط رؤوسهم و مناط تمائمهم.. فلا تتحقق ثورة إنجازات بغير فريق مؤهل لرفع التحدي، كما لا يفلّ الحديدَ نصلُ كَهَام.
يستحق الرئيس غزواني، بما استطاع أن يحقق من إجماع وطني، و بما عبّر عنه من اهتمام بمستقبل البلاد و وئامها و سلمها الأهلي أن يجد من يواكب تطلعاته بصرامة و اقتدار، و ليس بلغة و سيوف خشبية.