السيد الرئيس الفقر صيفة متنحية. سببها الفساد و تزول بزواله.! بقلم الدكتور محمد الامين شريف أحمد
كان لحديث مدريد إرتدادات قوية على صفحات سوسياميديا و في الصالونات السياسية عموما، و لا يكاد يوجد فرد من الشعب الموريتاني إلا وله تعليق على صراحة السيد الرئيس المحمودة و الغير معهودة من أسلافه، و الذين يحاولون دائما، تغليف الواقع الذي من أبرز سماته الفقر، بلبوس التقدم و التنمية، و يستشهدون بمؤشرات صندوق النقد الدولي و البنك الدولي، و التي لا أثر لها على واقعنا المعاش.
السيد الرئيس وُقُوفُكم على حقيقة واقع شعبنا المرة، و إدراككم لتفاصيل حياته البائسة مبعث إرتياح كبير و باعث للأمل، لأن مثلكم عند ما يُشَخِّصُ الداء من البديهي أنه إطلع على الأسباب و وضع تصورا شامل لوقف تدهور الوضع المعيشي أولا ثم الإقلاع بالبلد.
سيدي الرئيس.
من ما لا شك فيه أنه و من منطلق مسؤولياتكم أمام الله أولا و أمام الشعب أنكم وَقَفْتم على سبب فقرنا، و أدركتم أن فقرنا لا علاقة له بجيناتنا الوراثية، و لا يعود لقلة الموارد التي حبانا الله بها، و لا إلى الحروب الأهلية بين مكونات شعبنا و لا إلى إستنزاف خيراتنا من طرف مستعمرة خارجي، أدركتم تماما أن السبب الرئيسي لضعف قدرتنا الشرائية و الإنتاجية و ثباتنا في مقدمة المؤشرات الدولية للفقر و التخلف، و كوننا دائما في ذيل قائمة مؤشر الشفافية و التعليم و التنمية البشرية و تهيئة البنى التحتية، أن سبب كل هذا هو الفساد، هو الفساد، ثم الفساد.... لا يوجد عامل آخر معه، الفساد وحده أفسد تعليمنا، أفسد منظومتنا الصحية، كان وراء نهب ثرواتنا الطبيعة( المتجددة و الناضبة )، كان وراء ما ترون من ضعف في البنى التحتية، أفسد منظومتنا الأخلاقية، جاء على الأخضر و اليابس، و تمخض عنه هذا الواقع المرير الذي أدركتم حقيقته وعبرتم عنه بوضوح أمام جاليتنا في اسبانيا.
مدركون تماما يا سيادة الرئيس أنكم شخصتم الداء أمام الجالية في إسبانيا، و أنكم عرفتم أن سبب ما نحن فيه هو الفساد، و سيطرت لوبي الفساد على مفاصل الدولة و بخاصة المؤسسات الخدمية و المؤسسات ذات الريع الوفير ( الخطاب الأخيرة بمناسبة عيد الإستقلال المجيد، تم التركيز فيه على تنامي ظاهرة الفساد و عَقَدْتُم العزم على محاربته.).
مدركون أنكم سيادة الرئيس عرفتم أن فقرنا صفة متنحية قابلة للزوال، و أنكم شرعتم في تصفية الفساد و الآن في طور تهيئة الآليات التي تتطلبها المعركة ( المفتشية العامة للدولة، هيئة إسترجاع المال العام المنهوب قبل الإحالة إلى القضاء، القضاء المتخصص ... إلى غير ذلك من الأدوات الناجعة في محاربة الفساد). و مدركون أن هذا العمل الجبار يتطلب روية و وقتا، لكننا متعطشون لأولى خطوات تدحرج رؤوس الفساد من أعلى السلم، لأننا إن لم تسرعوا في خطوات محاربة الفساد، فإن واقع البؤس و الفقر و الجوع قد يقضي على طبقات عريضة من مجتمعنا!.
د. محمد الأمين شريف أحمد