المهندس ولد احمد الهادي يكتب عن ولد مولود
ينتمي الدكتور محمد ولد مولود إلى جيل «الحركة الديموقراطية» الذي رسم علامات وضاءة في تاريخ البلد ليس من السهل أن يأتي الزمان بها، فهو جيل القيمة والقوة الفاعلة الذي حقق معه البلد الشيء الكثير، من هذا الجيل المناضل الوطني والديموقراطي يستمد الدكتور محمد ولد مولود وسائله وأغراضه وأدواته السياسية، فالرجل يختزل المرحلة الحرجة من تاريخ البلد، فهو المناضل والسياسي والأستاذ الجامعي… تعطر بوعي سياسي مبكر… ففي سن مبكرة اختار أن يكون يساريا ؛ اختيار النضال المؤسس على الإيمان بالمشروع الوطني الجامع، والمؤسس على نكران الذات والانفتاح على العالم… انخرط في العمل السياسي وهو مراهق؛ والمراهق عندما يعانق السياسة يصبح ثوريا بالضرورة، وإذا عانقها في حزب يروم التحرر من الجمود والتخلف فإنه يبلغ سقف الالتزام المؤسس على جروح الوطن… منتوج يساري تقدمي، ارتشف السياسة في مدرسة اليسار مناضلا وقائدا ..
عانق النضال وهو تلميذ، وهو طالب، وهو أستاذ مقتدر، شكل ومازال قيمة مضافة لحزب اتحاد قوي التقدم… تحاصره أسراب البوم كليالي النفاق طالعة من جحور القبيلة فتلقاه معتصما باختياره… مناضل صاحب قضية يواجه الأمواج والإعصار… فهذه قناعته وهذا واجبه… وهذه مهمته…… هكذا نرى المناضل الدكتور محمد ولد مولود يرى الأشياء… وهكذا نتصوره يتصور العالم الذي نحن فيه… فليخجل من أنفسهم أولئك الذين يحصدون ونحن الزارعون… شفاكم الله! والتين والزيتون وطور سنين لقد آمن الرجل أن النضال ليس شعارا يرفع ولا صفة للتزيين، ليس موضوعا للتوظيف الإيديولوجي والاستهلاك السياسي، بل إنه قناعة انطولوجية تشكل قناعة فكرية والتزاما سياسيا… هذا جوهر كينونته وعنوان هويته… التحدي هو سيد الميدان… وقف فوق خشبة الحياة وأعلن رفضه للذل والمهانة… انه صاحب إشكالية وقضية، وملح في اقتراح الحلول لها…أعلن انتماءه العضوي لقضايا الإنسان… يجسد المبدأ والرؤية…… إنه ديموقراطي… إنه حداثي… والحداثة عنده ليست بالمعنى المبتذل اللاواعي واللامؤسس، بل الحداثة النابعة من فكر الأنوار… الحداثة المؤسسة على العقل؛ عقلنة التفكير… عقلنة المجتمع… عقلنة السلوك… آلام المرحلة حاضرة في وعيه… هو مناضل بقناعاته… وما أسهل تأقلمه في المجال إذا أراد بمحض إرادته، دون أن يخضع لأي أمر أو قرار… يحب الحريةومسؤوليتها…… اكتسب شرعية الانتماء بالقوة والفعل، وانتزع الاعتراف والتقدير بالنضال والتضحية… انطلق من القاعدة… عانق الوجود بجبال تكانت الشامخة بتاريخها ونضالاتها، خطا خطواته الأولى، ونما في دروبها شاهدا على معاناتها… ليصبح منذ طفولته ونعومة أظافره رجلا ممسكا بزمام مسار حياته، حمل في صدره كبرياء القمم وإصرار الأنهار على المضي قدما مهما صعبت المسالك، تشق مجراها بصبر وثبات، إذ لم يكن سهلا على يافع مثله أن يلتحف أحلامه وينتعل طموحه، ويتعطر بإرادته، ويثب إلى المستقبل في مرحلة حرجة من تاريخ البلد …يصطحب ظله لمواجهة المجهول… لمجابهة المثبطات، لعناق الامل، ودائما يحمل في ذهنه أفكارا ومبادرات، وعلى كتفه مهاما ومسؤوليات، فهو يكره الفراغ… ان الزمان الفارغ يعدي الناس بفراغه… وحين يكون الشعور هامدا والإحساس ثابتا، يكون الوعي متحركا… وعي بأن الحياة خير وشر.. مد وجزر… مجد انحطاط… ولكن هناك حيث توجد الإرادة ويكون الطموح… تكون المبادرة ويكون التحدي… تكون الطريق المؤدية إلى النتائج… يكره اللغة السوداوية والنزعة العدمية… يكره الأسلوب المتشائم ولغة اليأس … هو إنسان جد متفائل، والعينان تعبران بالابتسامة عن هذا التفاؤل… وهذا الطموح… وهذا الحب اللامشروط للبلد رغم الكآبة في السماء والأسى لدى الآخرين… قد يكون الماضي حلوا إنما المستقبل أحلى … حضور نضالي قوي، حضور ينشده كل يوم ويذكره، بل ويغنيه ويتصاعد في تناغم مع مسار نضالي ومهني… هو أصلا تربى ضد الصمت.. تربى على كره النفاق والغدر.. وهو طفل، وهو ينمو، نما فيه كره الاختفاء وراء الأقنعة… ضايق أولئك الذين يغرقون في سبات عميق وأزعج المهرولين… سقط القناع عن القناع … الكفاءة هي الفيصل بين خسة الانتهازيين ورفعة الدكتور المناضل الانسان.. مرة أخرى يشكل استثناء في زمن الكائنات المتهافتة والملهوفة… مترفع في لحظات الهرولة… واثق في زمن التيه… مؤمن بأن النجاح اجتهاد لا ريع… وان النضال اختيار والتزام… تضحيات لا مغانم…… يتصف بكل خصال المناضل الملتزم وبكل خصال القائد السياسي التواق الى المستقبل والإصلاح، بخصال نظرية وسلوكية كاليقظة العالية والاحتراز، والتقدم بخطوات محسوبة دون تسرع ودون مراوحة، وتجنب السقوط في الاستفزاز ورد الفعل، والانسياق وراء الأهواء والعواطف مهما كانت نبيلة، وتحرر الفكر من عقاله وتخلصه من عاداته، وتأهب دائم لخوض غمار تحليل أصيل ومبدع لالتباسات الواقع، واقتراح حلول ومخارج مطابقة، وامتلاك الوعي التاريخي الذي ينظر إلى المدى البعيد، والنظرة الشاملة التي تتجنب التجزيء بخصال إنسانية؛ بسيط ومتواضع، صادق، مخلص ووفي؛ وفي للوطن، وفي للتاريخ… نزيه فكريا وأخلاقيا… طاقة جبارة على النضال في مختلف الواجهات…عقلاني فكرا وممارسة، العقل معيار الحقيقة، العقل منهج لمحاربة التضليل والتشكيك… يمقت الانفعالات والتفكير بالعاطفة والانسياق وراء الشعارات والوقوع سجين الحماس المرضي… يومن بأن التاريخ يصنع، ولا ينتظر المنتظرين والمتفرجين، فإما أن ننخرط فيه وندقق كيفية وطريقة الانخراط وإلا أصبحنا متجاوزين، سلبيين وعدميين…إنسان بشوش في طيبوبته، وطيب ببشاشته… قوي بهدوئه، وهادئ بقوته… هكذا نعرفه، اجتماعي بطبعه… وما أسهل تأقلمه في المجال إذا أراد بمحض إرادته، دون أن يخضع لأي أمر أو قرار… مستعد ليخسر كل شيء إلا كرامته… مستعد ليتنازل عن كل شيء إلا الانتماء الذي يعتز ويفتخر به الانتماء للوطن… إنه كالنهر يعود إلى نبعه والماء الي مصبه الطبيعي .
المهندس : إسماعيل ولد أحمد الهادي