الشيباني ..مزارع مثابر تدفعه الدولة لليأس (تقرير مصور)

عقد العزم على أن يحيى من أجل وطنه،وأصر على مواصلة العمل والبذل والعطاء مهما كلفه ذلك خدمة لنفسه ولعياله وللمجتمع.استمر على ذاك النهج واتخذ من العمل عقيدة رغم اشتعال الرأس شيبا ورغم ما بدا في الجسم من وهن ! هو ضابط الصف المتقاعد الشيباني ولد أحمد.

قضى الرجل 25 سنة في الخدمة العسكرية جاب فيها كل جهات الوطن وأنهى مأموريته على الوجه الأكمل ما ضيع منها من شيء.

استفاد من حقه في التقاعد فولى وجهه صوب الأهل في بلدة أم اشكاك القريبة من مدينة كيفه فغرس مئات أشجار النخيل ،أتت طيب الرطب فأكل وباع وخزن وأطعم الجيران والضيوف، وتوالى العطاء لتلك الواحة الجميلة اليانعة وأقام تحت ظلالها مزرعة للخضروات أتت من كل الثمرات.

لقد تنفس ولد أحمد الصعداء وغمرته السعادة فهو يشعر أنه يستمر في تقديم الدروس الرائعة في العمل و الإنتاج و الاعتماد على النفس.

بعد سنوات قليلة على تلك التجربة الفذة بدأت مياه الآبار في الحديقة في التراجع وتسارعت الأمور نحو الأسوء. .لقد يبست الآبار وافترشت الصخور ولم يكن لصاحبنا أن يقهر الوضع الجديد الذي يحتاج إلى مساعدة كبيرة انتظرها الرجل من الدولة التي طرق كافة أبوابها وحرر إليها عشرات الرسائل فلم يجد أذنا صاغية.

هناك فهم الفلاح الشيباني ولد أحمد أن الوضع خرج عن السيطرة ولا بد من تلمس طريقة جديدة للعيش ولاستمرار الحياة. انتقل إلى مصب مائي قريب وقرر الدخول في الزراعة المطرية وأعاد الكرة فوجه طلبات لمصالح الزراعة بغية الاستفادة من برنامج السدود ومساعدته بجرافة لبضعة دقائق لبناء سد هناك، ولما أكتشف بأنه يطالب "بالمستحيل" شمر عن السواعد وقرن الليل بالنهار وأخذ ينقل بيديه أواني الرمل ذهابا وجيئة لبناء سد رملي يحصر به مياه الخريف وقد استطاع بقوة الإرادة وبالإيمان بالقضية الذي لا يتزعزع بناء السد وحده، وفي السنة الموالية بدأ البذر في ساحة لا يرضى عن حجمها نظرا لقلة المياه التي تمكن السد المتواضع من حصرها، غير أن تحديا جديدا اعترض فلاحنا فما إن خرجت المزروعات من جوف التربة حتى هاجمتها المواشي من كل الجهات فعاد للمرة الثالثة إلى السلطات لطلب السياج لكن لا حياة ولا اهتمام لمن ينادي .

 

 

 

لم يستسلم فأخذ يقطع شجر الرمض ويجمع العيدان اليابسة لتوفير ما أمكن من حماية لما زرع بشق النفس يقول صاحبنا المسكين في حديث لوكالة كيفه للأنباء التي زارته في سده هذا الأسبوع " تقوم السلطات بتقديم السياج والآبار والجرافات أمام أعيننا للنافذين والأغنياء والوجهاء وتحرمنا نحن الفلاحين الحقيقيين الذين توارثنا المهنة جد عن جد"

 

ويضيف وقد ابيضت شفتاه من الحزن والغضب" سيأتي يوم يجرف فيه عرقنا المتصبب بغزارة من يهضمون حقوقنا ويتركوننا على هامش الحياة"

 

لقد أنطقه الحق من رجل عظيم سخر حياته لوطن يلعنه ويعامله بكل ألوان الغبن والإقصاء والازدراء. إنه الظلم .. إنه غياب العدالة ...

 

ثبت الله للشيباني الأجر الجزيل هو وجميع زملائه من الفلاحين المطحونين على ما أدوا من إحسان وعوضهم خيرا عن هذه الدولة التي تتحطم فيها المقاييس فلا ترد جميلا ..

11 March 2022